إشكالية المعرفة بين الحتمية واللاحتمية ( بيير لابلاس أنموذجاً )

تعددت المفاهيم الإبستمولوجية التي قسّمت عالم المعرفة إلى مذهبين معرفيين متناقضين ، بحيث أصبح عالم المعرفة محكوم بقانون الثنائية الذي يحكم الكون بأسره ، فلكل موجود في عالم الوجود نقيضه الوجودي ، فتتعدد الثنائيات الوجودية المتناقضة في عالم الوجود مثل : الوجود والعدم ، النهاية واللانهاية ، الضوء والظل...

Full description

Bibliographic Details
Main Authors: محمود حسن, إبراهيم رزوق
Format: Article
Language:Arabic
Published: tishreen university journal 2023-03-01
Series:مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية- سلسلة الآداب والعلوم الانسانية
Online Access:https://journal.tishreen.edu.sy/index.php/humlitr/article/view/14433
Description
Summary:تعددت المفاهيم الإبستمولوجية التي قسّمت عالم المعرفة إلى مذهبين معرفيين متناقضين ، بحيث أصبح عالم المعرفة محكوم بقانون الثنائية الذي يحكم الكون بأسره ، فلكل موجود في عالم الوجود نقيضه الوجودي ، فتتعدد الثنائيات الوجودية المتناقضة في عالم الوجود مثل : الوجود والعدم ، النهاية واللانهاية ، الضوء والظلام ، النظام والفوضى ، التطور والجمود ، الإثبات والنفي ، وكذلك تتعدد الثنائيات المعرفية المتناقضة في عالم المعرفة ، ومن بينها : الموضوعية والذاتية ،  المعنى واللامعنى ، المطلق والنسبي ، الحتمية واللاحتمية ، ومثلّت العلاقة الإبستمولوجية القائمة بين مفهومي الحتمية واللاحتمية : أحد أهم الإشكاليات في المعرفة ، حيث انقسم فلاسفة العلم إلى قسمين ، أحدهما يعتقد بأن مبدأ الحتمية هو المبدأ الإبستمولوجي السائد في عالم المعرفة ، وبأنّ جميع الوقائع العلمية في عالم المعرفة محكومة بمبدأ الحتمية، ويعدّ عالم الفلك والرياضيات وفيلسوف العلم الفرنسي : بيير لابلاس من أبرز مؤسسي مذهب الحتمية ، بينما يعتقد القسم الآخر بأن مبدأ اللاحتمية هو المبدأ الإبستمولوجي السائد في عالم المعرفة ، وبأنّ كل العمليات المعرفية والنظريات الإبستمولوجية والظواهر العلمية محكومة بمبدأ اللاحتمية ، ونشأت وفقاً لذلك علاقة جدلية بين مفهومي الحتمية واللاحتمية ،  حيث اعتبر قسم من فلاسفة العلم بأن المعرفة حتمية بجوهرها ، وإن جميع المعارف تتكون وفق قوانين منتظمة حتمية ، فوجود شروط علمية معينة ضمن عالم المعرفة سيؤدي بشكل حتمي لظهور نتائج علمية معينة ، وإنّ لكل حقل معرفي قوانينه العلمية الخاصة به التي لا تصلح لباقي الحقول العلمية والمعرفية  ، بينما اعتبر القسم الآخر من فلاسفة العلم بأنّ المعرفة لاحتمية في الأصل ، حيث يقرّرون بأن المعارف تسير بشكل لاحتمي ، فالمعارف تتكون بشكل غير منتظم وتتشكل قوانين المعارف وفق شروط مختلفة ، وإن ذات الشروط المعرفية ينتج عنها نتائج معرفية مختلفة ، وبناءاً على ذلك تتطور المعارف بشكل لاحتمي ، ووفق متغيرات علمية متنوعة تساهم بشكل مباشر في خلق بيئة معرفية من المعارف التي لا تتقيد بشروط حتمية معينة ، بل تخلق شروطاً معرفية متجددة باستمرار بحيث تناسب البنية المعرفية الخاصة بها ،  وضمن هذا السياق المعرفي ساهمت كل من نظرية المعرفة الحتمية والنظرية اللاحتمية في تطوير ميدان الإبستمولوجيا عبر مجموعة من المبادئ المعرفية التي تمّت صياغتها من قبل فلاسفة العلم في جميع الحقول المعرفية والعلمية المتنوعة .
ISSN:2079-3049
2663-4244