"الإغْرَابُ في الإعْرَابِ" لأبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين المعروف بقطب الدين الرَّوانديّ المتوفى سنة (573 هـ) دراسة وتحقيق*
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلين حبيبِ إلهِ العالمين سيّدنا محمّدٍ الصادق الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الزاكين، أمّا بعد: فهذه رسالة (الإغراب في الإعراب) أكشفُ عنها اللثام، وأُزيلُ عنها غبارَ الأعوام، لأضعها بين يدي قرّاء العربية محقَّقةً قريبةً م...
Main Author: | |
---|---|
Format: | Article |
Language: | Arabic |
Published: |
University of Baghdad
2018-12-01
|
Series: | مجلة الآداب |
Online Access: | https://aladabj.uobaghdad.edu.iq/index.php/aladabjournal/article/view/248 |
_version_ | 1818398543019245568 |
---|---|
author | محمد عبد مشكور |
author_facet | محمد عبد مشكور |
author_sort | محمد عبد مشكور |
collection | DOAJ |
description | الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلين حبيبِ إلهِ العالمين سيّدنا محمّدٍ الصادق الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الزاكين، أمّا بعد: فهذه رسالة (الإغراب في الإعراب) أكشفُ عنها اللثام، وأُزيلُ عنها غبارَ الأعوام، لأضعها بين يدي قرّاء العربية محقَّقةً قريبةً من الأفهام، وهي على لطافة حجمها الذي لا يتجاوز ثلاث عشرة صفحةً، تحتلُّ قيمةً علميّةً جليلةَ القَدْرِ، تتأتَّى قيمتها ابتداءً من أنّها أقدم مخطوطة وصلت إلينا تحمل عنوان الإغراب في الإعراب، ما خلا كتاب الواحديّ النيسابوريّ (ت 468ه) الإغراب في الإعراب، الذي لم يصل إلينا مخطوطاً أو محقّقاً، وصاحبها هو أستاذ قطب الدين الراونديّ (ت573ه) صاحب هذه المخطوطة، وأمّا كتاب الإغراب في جدل الإعراب لأبي البركات ابن الأنباري (ت577ه)، فهو يختلف عن هذه الرسالة مادّةً ومنهجاً، وليست القيمة العلميّة لهذه الرسالة رهينة العمر الزمني لها فحسب، وإن كان مهمّاً، وإنّما ـــ بالإضافة الى ما ذكرناه ـــ تمتاز من جهةٍ أُخرى بمادّتها المختارة من الشعر العربي ما خلا شاهداً واحداً من القرآن الكريم افتتح به رسالته تيمّناً وتبرّكاً، وكانت شواهده في أغلبها لأبي الطيّب المتنبيّ ما عدا بيتين أحدهما لعمرو بن معدي كرب والآخر لشاعرٍ مجهولٍ لم يصرّح باسمه، ولم تُـشر المصادر التي ذكرته إلى نسبته لقائلٍ معيّن، وهو من الأبيات مشكلة الإعراب. ويظهر من اختياراته أنّه كان قاصداً لمثل هذه الشواهد؛ لأنّها ممّا يحتمل وجوهاً إعرابيةً كثيرةً تراوحت أعدادها ما بين سبعة عشر وجهاً في الآية الكريمة (قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي) المائدة/ 25، وبين مليون وثمان مئة وستّةٍ وثلاثين ألف وجهٍ في قول أبي الطيّب المتنبيّ:
قِفْ على الدِّمْنَتِينِ بالدوِّ مِن رَيْ يا كَخَالٍ فِي وَجْنَةٍ جَنْبَ خَالِ
مستعيناً على إحصاء الوجوه الإعرابية المذكورة بطريقة رياضيّةٍ دقيقةٍ تنمُّ عن عقليّةٍ متقنةٍ لعلم الحساب. وقد عالج الراونديّ الشواهد التي أودعها رسالته بسعة اطّلاعٍ على قواعد
----------------------------
* الجزء الأول من البحث قد تم نشره في الأعداد السابقة من مجلة الآداب ، وهذا الجزء الثاني .
النحو العربيّ، وعمق نظرٍ في مسائله الخلافية، ودراية عالمٍ متبحّرٍ في الفكر النحويّ العربيّ ، كما أنّ تبحّره من جهةٍ أُخرى بالعلوم (العقلية) من منطقٍ وفلسفةٍ جعل من توجيهه الشواهد توجيهاً حجاجيّاً ذا صبغة إقناعية عالية مشفعةٍ بالشواهد والمعاني. كما تتجلّى قيمة هذا العمل بشكلٍ أكبر في معالجةِ نسبة كتاب (التبيان في شرح الديوان) المنسوب خطأً لأبي البقاء العُكْبُريّ، والذي شكك في نسبته المذكورة عددٌ من الباحثين وكان آخرهم الباحث عبَّاس الأوسيّ الذي نسبه إلى قطب الدِّين الرَّاونديّ (ت573ه) صاحب هذه الرسالة، في بحثه الموسوم بـ(التِّبْيَانُ في شرح الديوان يستردُّ مُؤَلِّفَهُ) المنشور في مجلة المورد، في المجلد الرابع والثلاثين، العدد الثالث، سنة 2007م، وعلى الرغم من الجهد العلمي الكبير الذي بذله الباحث في إعادة نسبة كتاب التبيان لقطب الدين الرّاونديّ إلا أنَّ الباحث لم يطلع على هذه الرّسالة التي بين أيدينا والتي تمثل سبباً متصلاً يربط التبيان بقطب الدين الرّاونديّ؛ وذلك في ضوء الإحالات الموجودة في كتاب التبيان للإغراب في الإعراب والتي تقارب نصوص هذه الرسالة بشكل كبير ولمَّا كان عملنا هنا تحقيق هذا النص فيضيق المقام بإثبات صحة هذه النسبة وسوف نتبع هذا العمل ببحث مستقل لمعالجة هذه المسألة إن شاء الله. ولا نريد أن نقف موقف المدافع عن هذا العمل وصاحبه فندّعي له الكمال، وهو غايةٌ لا تُدرك؛ لذلك لم يخلُ من الهناتِ والمآخذ التي سنذكرها في موضعها من البحث، وهذه هي سُنّة العلم التي تتأبّى أن تكتمل عند الباحثين أيّاً كانوا دون نقصٍ أو خللٍ. أمّا عن عملي في التحقيق فإنّني لم آلُ جهداً ولم أدّخر وسعاً في إخراج هذه الرسالة على الوجهة التي جعلتني أطمئن لها، راجياً القبول والتوفيق ونيل الأجر من الله، فهو الغاية وإلا فأعوذُ بالله من الخطل والزلل وانحراف القصد. |
first_indexed | 2024-12-14T07:06:27Z |
format | Article |
id | doaj.art-259719ceaa3242ffa3e4ff0e53985176 |
institution | Directory Open Access Journal |
issn | 1994-473X 2706-9931 |
language | Arabic |
last_indexed | 2024-12-14T07:06:27Z |
publishDate | 2018-12-01 |
publisher | University of Baghdad |
record_format | Article |
series | مجلة الآداب |
spelling | doaj.art-259719ceaa3242ffa3e4ff0e539851762022-12-21T23:12:11ZaraUniversity of Baghdadمجلة الآداب1994-473X2706-99312018-12-01112110.31973/aj.v1i121.248"الإغْرَابُ في الإعْرَابِ" لأبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين المعروف بقطب الدين الرَّوانديّ المتوفى سنة (573 هـ) دراسة وتحقيق*محمد عبد مشكور0جامعة بغداد - كلية الآدابالحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلين حبيبِ إلهِ العالمين سيّدنا محمّدٍ الصادق الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الزاكين، أمّا بعد: فهذه رسالة (الإغراب في الإعراب) أكشفُ عنها اللثام، وأُزيلُ عنها غبارَ الأعوام، لأضعها بين يدي قرّاء العربية محقَّقةً قريبةً من الأفهام، وهي على لطافة حجمها الذي لا يتجاوز ثلاث عشرة صفحةً، تحتلُّ قيمةً علميّةً جليلةَ القَدْرِ، تتأتَّى قيمتها ابتداءً من أنّها أقدم مخطوطة وصلت إلينا تحمل عنوان الإغراب في الإعراب، ما خلا كتاب الواحديّ النيسابوريّ (ت 468ه) الإغراب في الإعراب، الذي لم يصل إلينا مخطوطاً أو محقّقاً، وصاحبها هو أستاذ قطب الدين الراونديّ (ت573ه) صاحب هذه المخطوطة، وأمّا كتاب الإغراب في جدل الإعراب لأبي البركات ابن الأنباري (ت577ه)، فهو يختلف عن هذه الرسالة مادّةً ومنهجاً، وليست القيمة العلميّة لهذه الرسالة رهينة العمر الزمني لها فحسب، وإن كان مهمّاً، وإنّما ـــ بالإضافة الى ما ذكرناه ـــ تمتاز من جهةٍ أُخرى بمادّتها المختارة من الشعر العربي ما خلا شاهداً واحداً من القرآن الكريم افتتح به رسالته تيمّناً وتبرّكاً، وكانت شواهده في أغلبها لأبي الطيّب المتنبيّ ما عدا بيتين أحدهما لعمرو بن معدي كرب والآخر لشاعرٍ مجهولٍ لم يصرّح باسمه، ولم تُـشر المصادر التي ذكرته إلى نسبته لقائلٍ معيّن، وهو من الأبيات مشكلة الإعراب. ويظهر من اختياراته أنّه كان قاصداً لمثل هذه الشواهد؛ لأنّها ممّا يحتمل وجوهاً إعرابيةً كثيرةً تراوحت أعدادها ما بين سبعة عشر وجهاً في الآية الكريمة (قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي) المائدة/ 25، وبين مليون وثمان مئة وستّةٍ وثلاثين ألف وجهٍ في قول أبي الطيّب المتنبيّ: قِفْ على الدِّمْنَتِينِ بالدوِّ مِن رَيْ يا كَخَالٍ فِي وَجْنَةٍ جَنْبَ خَالِ مستعيناً على إحصاء الوجوه الإعرابية المذكورة بطريقة رياضيّةٍ دقيقةٍ تنمُّ عن عقليّةٍ متقنةٍ لعلم الحساب. وقد عالج الراونديّ الشواهد التي أودعها رسالته بسعة اطّلاعٍ على قواعد ---------------------------- * الجزء الأول من البحث قد تم نشره في الأعداد السابقة من مجلة الآداب ، وهذا الجزء الثاني . النحو العربيّ، وعمق نظرٍ في مسائله الخلافية، ودراية عالمٍ متبحّرٍ في الفكر النحويّ العربيّ ، كما أنّ تبحّره من جهةٍ أُخرى بالعلوم (العقلية) من منطقٍ وفلسفةٍ جعل من توجيهه الشواهد توجيهاً حجاجيّاً ذا صبغة إقناعية عالية مشفعةٍ بالشواهد والمعاني. كما تتجلّى قيمة هذا العمل بشكلٍ أكبر في معالجةِ نسبة كتاب (التبيان في شرح الديوان) المنسوب خطأً لأبي البقاء العُكْبُريّ، والذي شكك في نسبته المذكورة عددٌ من الباحثين وكان آخرهم الباحث عبَّاس الأوسيّ الذي نسبه إلى قطب الدِّين الرَّاونديّ (ت573ه) صاحب هذه الرسالة، في بحثه الموسوم بـ(التِّبْيَانُ في شرح الديوان يستردُّ مُؤَلِّفَهُ) المنشور في مجلة المورد، في المجلد الرابع والثلاثين، العدد الثالث، سنة 2007م، وعلى الرغم من الجهد العلمي الكبير الذي بذله الباحث في إعادة نسبة كتاب التبيان لقطب الدين الرّاونديّ إلا أنَّ الباحث لم يطلع على هذه الرّسالة التي بين أيدينا والتي تمثل سبباً متصلاً يربط التبيان بقطب الدين الرّاونديّ؛ وذلك في ضوء الإحالات الموجودة في كتاب التبيان للإغراب في الإعراب والتي تقارب نصوص هذه الرسالة بشكل كبير ولمَّا كان عملنا هنا تحقيق هذا النص فيضيق المقام بإثبات صحة هذه النسبة وسوف نتبع هذا العمل ببحث مستقل لمعالجة هذه المسألة إن شاء الله. ولا نريد أن نقف موقف المدافع عن هذا العمل وصاحبه فندّعي له الكمال، وهو غايةٌ لا تُدرك؛ لذلك لم يخلُ من الهناتِ والمآخذ التي سنذكرها في موضعها من البحث، وهذه هي سُنّة العلم التي تتأبّى أن تكتمل عند الباحثين أيّاً كانوا دون نقصٍ أو خللٍ. أمّا عن عملي في التحقيق فإنّني لم آلُ جهداً ولم أدّخر وسعاً في إخراج هذه الرسالة على الوجهة التي جعلتني أطمئن لها، راجياً القبول والتوفيق ونيل الأجر من الله، فهو الغاية وإلا فأعوذُ بالله من الخطل والزلل وانحراف القصد.https://aladabj.uobaghdad.edu.iq/index.php/aladabjournal/article/view/248 |
spellingShingle | محمد عبد مشكور "الإغْرَابُ في الإعْرَابِ" لأبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين المعروف بقطب الدين الرَّوانديّ المتوفى سنة (573 هـ) دراسة وتحقيق* مجلة الآداب |
title | "الإغْرَابُ في الإعْرَابِ" لأبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين المعروف بقطب الدين الرَّوانديّ المتوفى سنة (573 هـ) دراسة وتحقيق* |
title_full | "الإغْرَابُ في الإعْرَابِ" لأبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين المعروف بقطب الدين الرَّوانديّ المتوفى سنة (573 هـ) دراسة وتحقيق* |
title_fullStr | "الإغْرَابُ في الإعْرَابِ" لأبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين المعروف بقطب الدين الرَّوانديّ المتوفى سنة (573 هـ) دراسة وتحقيق* |
title_full_unstemmed | "الإغْرَابُ في الإعْرَابِ" لأبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين المعروف بقطب الدين الرَّوانديّ المتوفى سنة (573 هـ) دراسة وتحقيق* |
title_short | "الإغْرَابُ في الإعْرَابِ" لأبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين المعروف بقطب الدين الرَّوانديّ المتوفى سنة (573 هـ) دراسة وتحقيق* |
title_sort | الإغْرَابُ في الإعْرَابِ لأبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين المعروف بقطب الدين الرَّوانديّ المتوفى سنة 573 هـ دراسة وتحقيق |
url | https://aladabj.uobaghdad.edu.iq/index.php/aladabjournal/article/view/248 |
work_keys_str_mv | AT mḥmdʿbdmsẖkwr ạlạgẖrābufyạlạʿrābilạbyạlḥsnsʿydbnhbẗạllhbnạlḥsynạlmʿrwfbqṭbạldynạlrãwạndỹạlmtwfysnẗ573hdrạsẗwtḥqyq |