دور السنن الإلهية في وعي الإنسان وتكامله الفكري

يُعد القرآن الكريم أول كتاب في التاريخ نبّه المجتمع البشري، أنّ هناك سنن وقوانين تتحكم بحركة الإنسان بما هو جزء من مجتمع، ولها علاقة كبيرة بمصيره - سعادة أو شقاء - لذا يتوجب عليه أن يتعرّف عليها ويعيها، من أجل أن يكون إنساناً فاعلاً، ومن أجل أن يتحكم في هذه السنن، وإلا تحكّمت هي فيه وهو مغمض العينين...

Full description

Bibliographic Details
Main Author: عامر عبد الأمير حاتم
Format: Article
Language:Arabic
Published: University of Baghdad 2018-09-01
Series:مجلة الآداب
Online Access:https://aladabj.uobaghdad.edu.iq/index.php/aladabjournal/article/view/108
_version_ 1818383218708054016
author عامر عبد الأمير حاتم
author_facet عامر عبد الأمير حاتم
author_sort عامر عبد الأمير حاتم
collection DOAJ
description يُعد القرآن الكريم أول كتاب في التاريخ نبّه المجتمع البشري، أنّ هناك سنن وقوانين تتحكم بحركة الإنسان بما هو جزء من مجتمع، ولها علاقة كبيرة بمصيره - سعادة أو شقاء - لذا يتوجب عليه أن يتعرّف عليها ويعيها، من أجل أن يكون إنساناً فاعلاً، ومن أجل أن يتحكم في هذه السنن، وإلا تحكّمت هي فيه وهو مغمض العينين . تتألف الدراسة من ثلاثة مباحث : المبحث الأول: فلسفة السنن الإلهية . المبحث الثاني: الإنسان ودوره في عملية التغيير . المبحث الثالث: خصائص السنن الإلهية وأشكالها. المقدمة : إنَّ العلم الذي يدرس السنن التاريخية الإلهية هو علم فلسفة التاريخ، وأن الهدف من دراسته هو الوصول إلى الكشف عن عوامل النهضة والانحطاط للأمم والحضارات، والكشف عن الأرضية التي جعلت المسلمين يشيدون حضارة رائدة. إنّ هذه المقاربة للتاريخ ليست من نوع الدراسات التمجيدية، بل هي مقاربة هدفها تمييز عناصر القوة من عناصر الضعف في تاريخ الأمة، أي التمييز بين الخط الرسالي الأصيل والخط المنحرف . لذلك احتلت فلسفة التاريخ ومع تنامي الوعي التاريخي ، المرتبة الأهم بين العلوم التاريخية، بل والاجتماعية أيضاً، وذلك عندما لعبت دور المصدر الموجِّه والمرشد في صياغة الأصول المعرفية . وعلى الرغم من ذلك فإنّ الأمة الإسلامية بمكوناتها القومية المتعددة، ما تزال غافلة عن هذا كله، وعن القيمة الفعلية لفلسفة التاريخ وأثرها الكبير في توفير القدرة على ترسيم النظم الاجتماعية والسياسية المناسبة، وعلى توفير فرص الأخذ بزمام المبادرة في التخطيط من أجل نهوض حضاري يغيّر واقع الأمة نحو الأفضل. من هنا تأتي هذه الدراسة التي تقوم على دعوى أن نتاج الفكر الإسلامي في فلسفة التاريخ من خلال السنن التاريخية الإلهية، يمثل ثروة فكرية غنية ذات أصالة واضحة، استمدت شرارتها الأولى من وحي القرآن، ثم من وعي تجارب التاريخ . إنَّ وضع القضايا المطروحة على العالم الإسلامي في إطار الرؤية الفلسفية للتاريخ، سيحرر الفكر الإسلامي من انتظار الخلاص من لدن المستبد العادل ([i])، أو انتظار الخلاص من الفكر الغربي الجاهز، فهذا النوع من الانتظار هو النتيجة الحتمية للتفكير السطحي الناجم عن النظرة التجزيئية للقضايا، والذي لا يمكن التحرر منه إلا بالنظرة الشمولية الملازمة للرؤية الفلسفية للتاريخ . إنّ الوعي بضرورة فلسفة التاريخ لتنظير وتجسيد مشروع حضاري سوف يصبح أطروحة مثيرة للابتكار، إذا تأسس على محاولة الاستقلال الفكري ومراجعة التصورات السائدة عن الحضارة الإسلامية، وهي مراجعة تحتاج إلى جرأة فكرية واجتهادية يحرران الفكر الإسلامي المعاصر من المواقف المريحة، التي تدّعي أنّ كل شيء جاهز من ماضينا أو من حاضر الثقافة الغربية. فالرؤية الفلسفية للتاريخ من حيث هي رؤية نقدية مرتبطة بالمراجعات المستمرة، التي تتطلبها تطورات المجتمع من جهة، ومكتسبات العلوم الإنسانية من جهة أخرى، وهذه المراجعات ضرورية لتصحيح المفاهيم وإدراك الواقع. فعقلانية المنهج وعقلانية العمل أو الممارسة عامل أساسي وضروري لتغيير الواقع المنحط وخوض الصراع الحضاري الذي يتسم به هذا العصر. ولا يمكن إصلاح وضعنا إلا بالرجوع إلى القرآن الكريم الذي كشف لنا أنَّ الإنسان بما هو جزء من مجتمع، تتحكم به سنن وقوانين لها علاقة كبيرة بمصيره - سعادة أو شقاء - لذا وجب عليه التعرّف على هذه السنن لكي يكون على بصيرة ووعي من أمره .   ([i]) فكرة (المستبد العادل) تدل على خضوع الفقهاء والمفكرين المسلمين للأمر الواقع، وقد استخدم الشيخ محمد عبده هذه الفكرة التي تجمع بين المتناقضين: الاستبداد والعدل.
first_indexed 2024-12-14T03:02:53Z
format Article
id doaj.art-87c501ff286146219243d84f51f0991c
institution Directory Open Access Journal
issn 1994-473X
2706-9931
language Arabic
last_indexed 2024-12-14T03:02:53Z
publishDate 2018-09-01
publisher University of Baghdad
record_format Article
series مجلة الآداب
spelling doaj.art-87c501ff286146219243d84f51f0991c2022-12-21T23:19:28ZaraUniversity of Baghdadمجلة الآداب1994-473X2706-99312018-09-01112410.31973/aj.v1i124.108دور السنن الإلهية في وعي الإنسان وتكامله الفكريعامر عبد الأمير حاتم0جامعة بغداد كلية التربية (ابن رشد) للعلوم الإنسانية تخصص : فكر إسلامييُعد القرآن الكريم أول كتاب في التاريخ نبّه المجتمع البشري، أنّ هناك سنن وقوانين تتحكم بحركة الإنسان بما هو جزء من مجتمع، ولها علاقة كبيرة بمصيره - سعادة أو شقاء - لذا يتوجب عليه أن يتعرّف عليها ويعيها، من أجل أن يكون إنساناً فاعلاً، ومن أجل أن يتحكم في هذه السنن، وإلا تحكّمت هي فيه وهو مغمض العينين . تتألف الدراسة من ثلاثة مباحث : المبحث الأول: فلسفة السنن الإلهية . المبحث الثاني: الإنسان ودوره في عملية التغيير . المبحث الثالث: خصائص السنن الإلهية وأشكالها. المقدمة : إنَّ العلم الذي يدرس السنن التاريخية الإلهية هو علم فلسفة التاريخ، وأن الهدف من دراسته هو الوصول إلى الكشف عن عوامل النهضة والانحطاط للأمم والحضارات، والكشف عن الأرضية التي جعلت المسلمين يشيدون حضارة رائدة. إنّ هذه المقاربة للتاريخ ليست من نوع الدراسات التمجيدية، بل هي مقاربة هدفها تمييز عناصر القوة من عناصر الضعف في تاريخ الأمة، أي التمييز بين الخط الرسالي الأصيل والخط المنحرف . لذلك احتلت فلسفة التاريخ ومع تنامي الوعي التاريخي ، المرتبة الأهم بين العلوم التاريخية، بل والاجتماعية أيضاً، وذلك عندما لعبت دور المصدر الموجِّه والمرشد في صياغة الأصول المعرفية . وعلى الرغم من ذلك فإنّ الأمة الإسلامية بمكوناتها القومية المتعددة، ما تزال غافلة عن هذا كله، وعن القيمة الفعلية لفلسفة التاريخ وأثرها الكبير في توفير القدرة على ترسيم النظم الاجتماعية والسياسية المناسبة، وعلى توفير فرص الأخذ بزمام المبادرة في التخطيط من أجل نهوض حضاري يغيّر واقع الأمة نحو الأفضل. من هنا تأتي هذه الدراسة التي تقوم على دعوى أن نتاج الفكر الإسلامي في فلسفة التاريخ من خلال السنن التاريخية الإلهية، يمثل ثروة فكرية غنية ذات أصالة واضحة، استمدت شرارتها الأولى من وحي القرآن، ثم من وعي تجارب التاريخ . إنَّ وضع القضايا المطروحة على العالم الإسلامي في إطار الرؤية الفلسفية للتاريخ، سيحرر الفكر الإسلامي من انتظار الخلاص من لدن المستبد العادل ([i])، أو انتظار الخلاص من الفكر الغربي الجاهز، فهذا النوع من الانتظار هو النتيجة الحتمية للتفكير السطحي الناجم عن النظرة التجزيئية للقضايا، والذي لا يمكن التحرر منه إلا بالنظرة الشمولية الملازمة للرؤية الفلسفية للتاريخ . إنّ الوعي بضرورة فلسفة التاريخ لتنظير وتجسيد مشروع حضاري سوف يصبح أطروحة مثيرة للابتكار، إذا تأسس على محاولة الاستقلال الفكري ومراجعة التصورات السائدة عن الحضارة الإسلامية، وهي مراجعة تحتاج إلى جرأة فكرية واجتهادية يحرران الفكر الإسلامي المعاصر من المواقف المريحة، التي تدّعي أنّ كل شيء جاهز من ماضينا أو من حاضر الثقافة الغربية. فالرؤية الفلسفية للتاريخ من حيث هي رؤية نقدية مرتبطة بالمراجعات المستمرة، التي تتطلبها تطورات المجتمع من جهة، ومكتسبات العلوم الإنسانية من جهة أخرى، وهذه المراجعات ضرورية لتصحيح المفاهيم وإدراك الواقع. فعقلانية المنهج وعقلانية العمل أو الممارسة عامل أساسي وضروري لتغيير الواقع المنحط وخوض الصراع الحضاري الذي يتسم به هذا العصر. ولا يمكن إصلاح وضعنا إلا بالرجوع إلى القرآن الكريم الذي كشف لنا أنَّ الإنسان بما هو جزء من مجتمع، تتحكم به سنن وقوانين لها علاقة كبيرة بمصيره - سعادة أو شقاء - لذا وجب عليه التعرّف على هذه السنن لكي يكون على بصيرة ووعي من أمره .   ([i]) فكرة (المستبد العادل) تدل على خضوع الفقهاء والمفكرين المسلمين للأمر الواقع، وقد استخدم الشيخ محمد عبده هذه الفكرة التي تجمع بين المتناقضين: الاستبداد والعدل.https://aladabj.uobaghdad.edu.iq/index.php/aladabjournal/article/view/108
spellingShingle عامر عبد الأمير حاتم
دور السنن الإلهية في وعي الإنسان وتكامله الفكري
مجلة الآداب
title دور السنن الإلهية في وعي الإنسان وتكامله الفكري
title_full دور السنن الإلهية في وعي الإنسان وتكامله الفكري
title_fullStr دور السنن الإلهية في وعي الإنسان وتكامله الفكري
title_full_unstemmed دور السنن الإلهية في وعي الإنسان وتكامله الفكري
title_short دور السنن الإلهية في وعي الإنسان وتكامله الفكري
title_sort دور السنن الإلهية في وعي الإنسان وتكامله الفكري
url https://aladabj.uobaghdad.edu.iq/index.php/aladabjournal/article/view/108
work_keys_str_mv AT ʿạmrʿbdạlạmyrḥạtm dwrạlsnnạlạlhyẗfywʿyạlạnsạnwtkạmlhạlfkry