الآلهة والمشاهد الزراعية في فنون بلاد الرافدين

شهدت بلاد الرافدين منجزات وتطورات حضارية مهمة أثرت في تاريخ العالم بشكل عام وبتاريخها بشكل خاص ، ومنها التطور الذي شمل الجانب الزراعي الذي أحتل مركز الصدارة بين مختلف مجالات الحياة ، وشغل الدور المتميز والفعال في استخدام الوسائل المبتكرة في الأعمال الزراعية آنذاك([i]). أن اهتداء الإنسان للزراعة في ح...

Full description

Bibliographic Details
Main Author: فيحاء مولود الحيالي
Format: Article
Language:Arabic
Published: University of Baghdad 2018-12-01
Series:مجلة الآداب
Online Access:https://aladabj.uobaghdad.edu.iq/index.php/aladabjournal/article/view/361
Description
Summary:شهدت بلاد الرافدين منجزات وتطورات حضارية مهمة أثرت في تاريخ العالم بشكل عام وبتاريخها بشكل خاص ، ومنها التطور الذي شمل الجانب الزراعي الذي أحتل مركز الصدارة بين مختلف مجالات الحياة ، وشغل الدور المتميز والفعال في استخدام الوسائل المبتكرة في الأعمال الزراعية آنذاك([i]). أن اهتداء الإنسان للزراعة في حدود الألف التاسع ق.م. يمثل أول ثورة اقتصادية قام بها الإنسان ، إذ أنتقل بواسطتها من حياة جمع القوت إلى حياة أنتاج القوت ، وكانت الزراعة في بداية مراحلها بسيطة وشبه متنقلة تعتمد على خصوبة التربة متى نفذت أنتقل إلى غيرها. وكان اعتماد الإنسان أول الأمر على الزراعة الديمية في سقي المزروعات التي انحسرت في المناطق الشمالية في بلاد الرافدين التي اعتمدت على سقوط الأمطار ([ii]) ، وأن العائلة الواحدة أخذت تنتج قوتها بنفسها وتصنع الأدوات البدائية الخاصة بها ولم يظهر التخصص الكامل بالعمل ويمكن الاستدلال على استخدام الحبوب في قرية جرمو ([iii]) ، التي تم فيها العثور على الأدوات المستعملة في هذه العملية مثل المجارش والمطاحن وأواني الحجرية والفخارية كما عثر على نوع من الشعير فيها ([iv]) ، كما كانت الزراعة محدودة والتنظيم قائم على أساس التعاون المشترك في توزيع المهام وأهم تلك المستوطنات الزراعية هي (كريم شهر – زاوي جمي - شانيدر ) التي تقع شمال بلاد الرافدين ، وكما هو معلوم أن الزراعة محددة بمساحات صغيرة تفي بحاجة الفرد (أي الاكتفاء الذاتي)([v]). وعند بدايات العصر الحجري الحديث حدثت نقلات حضارية متطورة جداً أدت بالنتيجة إلى نشوء أولى القرى الزراعية في العصر الحجري الحديث وتطورها في العصر الحجري المعدني([vi]) ومن ثم قيام المدن وتطور معارف الإنسان في مجالات عدة توسعت الزراعة وخرجت من دائرة الاكتفاء الذاتي لتأخذ أنماطاً وأساليب جديدة ومختلفة وتعد بلاد الرافدين من أولى المناطق التي شهدت الثورة الزراعية ثم استمرت الزراعة بالتطور في العصور اللاحقة ففي عصر فجر السلالات الذي يعد عصر الرخاء والازدهار الحضاري والاقتصادي شارك المعبد وكهنته والسلطة السياسية المتمثلة بالملك وحاشيته وكبار موظفي الدولة والأفراد في المساهمة في الزراعة وبإمكانيات متفاوتة ، وقد أولى الأقدمون اهتماماً كبيراً بأعمال الري وحفر القنوات وبناء السدود وعرفوا مواسم الفيضان والسبل الكفيلة لدرء أخطارها كما أتقنوا عمليات مسح الأراضي وتحديد الحقول فكانت لهم أوزان ومقاييس ومكاييل محدودة وعرفوا التقويم وحساب الدورة الزراعية وصنعوا عدد من الآلات الزراعية وأقاموا الاحتفالات الخاصة بالزراعة ومواسمها وقدموا الأضاحي والقرابين إلى الآلهة لتحمي المحاصيل من الآفات الزراعية ، وقد عرفوا زراعة العديد من الحبوب والثمار والخضراوات في الحقول والبساتين والحدائق([vii]).   ([i]) مجموعة من الباحثين ، " الحياة الأقتصادية" ، العراق في التاريخ ، (بغداد : 1982) ، ص194. ([ii]) باقر ، طه ، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ، ج1، (بغداد:1973) ، ص200-201 ([iii]) جرمو : وهي من أولى القرى الزراعية ومن أقدم المستوطنات الزراعية التي تقع على رابية تحمل الأسم نفسه في قضاء جمجمال ضمن محافظة السليمانية وتتكون من 16 طبقة أثرية للمزيد عنه ينظر : باقر ، المصر نفسه ، ص 195 . ([iv]) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ترجمة : عامر سليمان ، الموصل : 1979 ، ص29 . ([v]) مجموعة من الباحثين ، "الحياة الاقتصادية" ، العراق في التاريخ ، بغداد : 1982 ، ص194 . ([vi]) الدباغ ، تقي ،" الزراعة والتحضر" ، العراق في موكب الحضارة ، ج 1 ، بغداد : 1988 ، ص114 . ([vii])ظهر رأي جديد منذ الخمسينات من القرن الماضي بخصوص ملكية الأراضي الزراعية في بلاد سومر مفاده أن الملكية الفردية كانت موجودة إلى جانب ملكية الأراضي المملوكة للمعبد وأنه كان باستطاعة المواطنين شراء الأراضي والحقول والبساتين والتصرف بها ، كما عرف سكان بلاد الرافدين مصطلح الحقل المخصص لزراعة الحبوب وعرفوا أيضاً استخدموا البساتين والحدائق المخصصة لزراعة الثمار كما سموا الأراضي التي تترك بدون زراعة بالأراضي البور ، مثلما عرفوا الأعمال الزراعية التي يستوجب على الفلاح إنجازها لغرض الحصول على منتوج وفير وجيد إبتداءاً من تحضير الأرض إلى حصاد المحصول ونقله إلى المخازن فقد تم تحديد الدورات الزراعية من بدأ ترطيب الحقل لغرض عزق التربة وحتى جني المحصول وخزنه للمزيد: الدباغ ، تقي ، " الثورة الزراعية" ، حضارة العراق ، ج1 ، بغداد ، 1985 ، ص 114.
ISSN:1994-473X
2706-9931